[size=18]
[size=16][b]حقائق عن قضية فلسطينملحق : تصريح بلفور في اليوم الثاني من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1917 أرسل المستر ارثر بلفور وزير خارجية بريطانيا يومئذ (وقد أصبح فيما بعد اللورد بلفور) ، الرسالة الآتية إلى اللورد روتشيلد، بصفته رئيساً للمنظمة الصهيونية الإنجليزية :
يسرني أن أبعث إليكم بالنيابة عن حكومة جلالة الملك، بالتصريح الذي ينم عن العطف على أماني اليهود الصهيونيين والذي رفع إلى الوزارة ووافقت عليه :
"إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي بفلسطين، وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية مع البيان الجلي بأن لا يفعل شيء يضر الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين الآن، ولا الحقوق أو المركز السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى" .
المادة الثانية والعشرون من ميثاق عصبة الأمم :
فيما يلي نص المادة الثانية والعشرين من ميثاق عصبة الأمم التي بني عليها صك الانتداب:
"إن بعض الجماعات التي كانت تابعة فيما مضى للإمبراطورية العثمانية بلغت مرتبة من الرقي يمكن معها الاعتراف مؤقتاً بكيانها كأمم مستقلة بشرط أ تمد بالمشورة والمعونة الإدارية من قبل دولة منتدبة إلى أن تصبح قادرة على حكم ذاتها بذاتها، وينبغي أن يكون لرغائب هذه الجماعات الاعتبار الأول في اختيار الدولة المنتدبة . أما الشعوب الأخرى وبخاصة شعوب أفريقيا الوسطى فهي في دور يتحتم معه أن تكون الدولة المنتدبة مسئولة عن إدارة البلاد في أحوال تضمن حرية الضمير والدين .... إلخ"
الكتاب الأبيض لفلسطين عام 1922 (رقم 1700) :
أصدرت وزارة المستعمرات البريطانية في لندن (وكان وزيرها حينئذ السير ونستون تشرشل). كتاباً أبيض رقم 1700 بتاريخ 22 يونيو (حزيران) 1922 . وقد أورد تشرشل في الكتاب المذكور المراسلات التي جرت بينه وبين وفد عرب فلسطين الذي سافر إلى لندن ليطالب بإنشاء حكم وطني في فلسطين استناداً إلى العهود المقطوعة للعرب وإلى ميثاق عصبة الأمم .
وزعم الكتاب الأبيض أن تلك العهود لا تشمل فلسطين وإن إنشاء الحكم الوطني سيحول دون تنفيذ الوعد الذي وعدته الحكومة البريطانية اليهودية، ورفض الكتاب الأبيض المطالب التي قدمها وفد عرب فلسطين للحكومة البريطانية ، وأكد وجوب استمرار الهجرة اليهودية إلى فلسطين وتنفيذ سياسة الانتداب .
وقد حاول المستر تشرشل أن يفسر الوطن القومي ، ومداه، وأن يخفف من مخاوف العرب منه. فكان مما جاء في الكتاب الأبيض المذكور :
"إن حكومة جلالة الملك تلفت النظر إلى الواقع بأن أحكام تصريح بلفور لا ترمي إلى تحويل فلسطين برمتها إلى وطن قومي لليهود بل إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وتنفيذا لهذه السياسة من الضروري أن تتمكن الطائفة اليهودية في فلسطين من زيادة عدد أفرادها بواسطة المهاجرة، ولا يجوز أن تكون هذه الهجرة كبيرة لدرجة أنها تزيد على مقدرة البلاد الاقتصادية لاستيعاب مهاجرين جدد، ومن الضروري ضمان عدم صيرورة المهاجرين عبئاً على أهالي فلسطين كافة وحرمانهم أية طبقة من الأهالي الحاليين من عملهم " .
ثم قال :
"لو سأل سائل عن معنى تنمية الوطن القومي في فلسطين لأمكن الرد عليه بأنها لا تعني فرض الجنسية اليهودية على أهالي فلسطين إجمالاً ، بل زيادة نمو الطائفة اليهودية بمساعدة اليهود الموجودين في أنحاء العالم حتى تصبح مركزاً يكون فيه للشعب اليهودي برمته اهتمام وفخر من الجهتين الدينية والقومية، ومن رأي الوزير أن التصريح إذا فهم على هذه الصورة لا يتضمن أمراً، ولا ينطوي على شيء يوجب تخوف سكان فلسطين العرب"
ويقول الدكتور وايزمان في مذكراته (صفحة 360) إن السير (هربرت صموئيل) المندوب السامي (اليهودي) البريطاني لفلسطين هو الذي وضع مشروع ذلك الكتاب الأبيض، وإن الحكومة البريطانية عرضته على (اللجنة الصهيونية) قبل إصداره للاطلاع عليه، وإبداء وجهات نظر زعماء اليهود بشأنه، وطلبت الحكومة من اليهود قبول الأسس والمبادئ الواردة في الكتاب الأبيض تمهيداً للحصول على موافقة مجلس العموم البريطاني عليه، وإبرام صك الانتداب من جانب عصبة الأمم والبرلمان البريطاني. ووافق الزعماء اليهود كتابة على ذلك الكتاب الأبيض بتاريخ 18 يونيو 1922 فأصدرته الحكومة البريطانية رسمياً في 22 يونيو 1922 .
دستور فلسطين :
اشتمل الكتاب الأبيض البريطاني لعام 1922 على (دستور) لفلسطين وعلى السياسة العامة التي تعتزم الحكومة البريطانية اتباعها في البلاد .
ونشرت (حكومة فلسطين) وبعبارة أخرى دولة الانتداب، الكتاب الأبيض ودستور فلسطين في جريدتها الرسمية بتاريخ أول سبتمبر (أيلول) 1922 فأصبح نافذاً، وشرعت بالعمل على تطبيق نصوصه .
المجلس التشريعي :
وقد نص الكتاب الأبيض المذكور (في دستور فلسطين) على تشكيل مجلس تشريعي للبلاد مؤلف من 22 عضواً كما يلي :
10 موظفون بريطانيون يعينهم المندوب السامي
8 مسلمون بالانتخاب
2 مسيحيان بالانتخاب
2 يهوديان بالانتخاب
22 المجموع
وقد نص مشروع المجلس التشريعي آنف الذكر على أن يكون المندوب السامي رئيساً للمجلس، وأن يكون له حق النقض (فيتو)، وأن ليس من اختصاص المجلس التعرض لمبدأ الانتداب أو الوطن القومي اليهودي أو الهجرة اليهودية إلى فلسطين .
المجلس الاستشاري لعام 1922:
على أثر رفض العرب لمشروع المجلس التشريعي ومقاطعة العرب للانتخابات خطت الحكومة البريطانية خطوة أخرى فيما أسمته "خطة إقامة مؤسسات للحكم الذاتي في فلسطين، ولكنها كانت خطوة إلى الوراء، فقد عينت في شهر مارس (آذار) عام 1923 مجلساً استشارياً برئاسة المندوب السامي ، وعلى أساس مبدأ الانتداب ووعد بلفور ، مؤلفاً من 22 عضواً كما يلي :
10 بريطانيون
8 مسلمون
2 مسيحيان
2 يهوديان
22 المجموع
ولكن العرب الذين رفضوا المجلس التشريعي ، لم يقبلوا بهذا المجلس الاستشاري أيضاً، فاضطرت الحكومة البريطانية للعدول عنه .
الوكالة العربية :
في 13 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1923 عرض المندوب السامي على العرب تأليف (وكالة عربية) يكون لها سلطة مماثلة لسلطة الوكالة اليهودية كما نص عليها صك الانتداب .
وقد رفض عرب فلسطين اقتراح المندوب السامي لعدم فائدته ولأنه يساويهم – وهم أصحاب البلاد وأكثرية سكانها الساحقة – بالأقلية اليهودية الدخيلة، ولأن قبولهم به ينطوي على اعترافهم بالانتداب ووعد بلفور وهو ما يأباه العرب .
مجلس استشاري بريطاني يهودي :
في ديسمبر (كانون الأول) عام 1923 عين المندوب السامي البريطاني مجلساً استشارياً لفلسطين مؤلفاً من كبار الموظفين البريطانيين وكان بينهم بعض اليهود .
الكتاب الأبيض لعام 1930 (رقم 3692) :
على أثر ثورة فلسطين في أغسطس (آب) 1929، أوفدت الحكومة البريطانية لجنة برلمانية للتحقيق في أسباب الاضطرابات برئاسة السير والترشو، (قاضي قضاة بريطاني سابق) ، وقدمت اللجنة المذكورة تقريراً عن تحقيقاتها للوزارة البريطانية، اعترفت فيه بالظلم الواقع على العرب، وأوصت الوزارة بمنح فلسطين درجة من الحكم الذاتي، وإزالة مخاوف العرب من الهجرة اليهودية وتسرب الأراضي لليهود. ثم عينت الحكومة لجاناً فنية لدرس مواضيع الهجرة والأراضي، وكانت منها لجنة السيرجون هوب سيمبسون، الخبير المالي البريطاني بشؤون الأراضي، ولجنة لويس فرنش، وهو خبير بريطاني آخر، ولجنة ثالثة برئاسة المستر (كروسبي) أحد كبار الموظفين، ورفعت تلك اللجان تقارير إلى الحكومة عن مسألتي الأراضي والهجرة ، كانت خطيرة جداً في محتوياتها، إذ كشفت النقاب عن المآسي السياسية والاقتصادية والتشريعية التي تنزل بعرب فلسطين، واشتملت التقارير على عدة توصيات لتحسين الحالة في البلاد، وحماية حقوق العرب والمحافظة على أراضيهم وإشراكهم في الحكم والإدارة .
وأرسل عرب فلسطين وفداً إلى لندن طالب الحكومة البريطانية بإنشاء حكومة وطنية ووقف الهجرة اليهودية ومنع انتقال الأراضي إلى اليهود .
وعلى أثر صدور تقارير اللجان آنفة الذكر وجهود الوفد الفلسطيني أصدرت الحكومة البريطانية، وكان يرأسها المستر رامزي ما كدونالد، كتاباً أبيض جديداً بتاريخ أكتوبر 1930، عرف بكتاب (اللورد باسفيلد) وزير المستعمرات البريطاني حينئذ .
وأكدت الحكومة البريطانية في ذلك الكتاب الأبيض عزمها وتصميمها على الأخذ بتوصيات لجنة شو، واللجان الفنية الأخرى، وقالت "إن الوقت قد حان للتقدم خطوة أخرى في سبيل منح فلسطين درجة من الحكم الذاتي.. وبناء على ذلك تنوي حكومة جلالته تأليف مجلس تشريعي ينطبق على الخطة السياسية التي أعلنت في الكتاب الأبيض في 22 يونيو (حزيران) 1922"
فلما أصدرت الحكومة البريطانية هذا الكتاب الأبيض الجديد، لم يرفضه العرب كما كان الإنجليز أنفسهم يتوقعون، وعلى الرغم من أنه لم يشتمل على شيء جديد بالنسبة للعرب، وأن مشروع المجلس التشريعي المقترح فيه كان نفس مشروع عام 1922، فإن العرب رأوا فيه نصوصاً تقضي بتقييد انتقال الأراضي العربية، كما تقضي بتقييد الهجرة اليهودية وأعربوا عن استعدادهم للنظر فيه، غير أن غلاة الاستعماريين البريطانيين وفي مقدمتهم تشرشل نفسه (صاحب مشروع عام 1922) عارضوا سياسة الحكومة الجديدة وشنوا أشد الحملات وأعنفها على الكتاب الأبيض ، وساهم في تلك الحملات الشديدة كثير من أعضاء مجلس العموم من الأحرار والعمال والمحافظين، وفي الوقت نفسه قامت اليهودية العالمية تثير الدنيا (على الكتاب الأبيض) واستقال الدكتور وايزمان من رئاسة الوكالة اليهودية احتجاجاً ، وقام اليهود في أمريكا وكثير من الأقطار الأوربية بمظاهرات احتجاجية على السياسة البريطانية .
فأرسل وزير المستعمرات اللورد باسفيلد كتاباً إلى جريدة التيمس في 6 نوفمبر 1930 أنكر فيه أنه سيوضع تشريع يحول دون استمرار اليهود في تحقيق سياستهم المعروفة فيما يتعلق بالأراضي والعمال، كما أن مستر رامزي ما كدونالد رئيس الوزارة البريطانية وجه كتاباً بتاريخ 13 فبراير (شباط) 1931 إلى وايزمان يؤكد له فيه تمسك الحكومة بتعهداتها بشأن إنشاء الوطن القومي اليهودي، ويفسر الكتاب الأبيض تفسيراً كان بمثابة إلغاء له. وتلي كتاب ماكدونالد في مجلس العموم، فاستقبله النواب بالتأييد والترحيب، وطلبوا من الحكومة سحب كتابها الأبيض ، فتم ذلك، وعدل وايزمان عن استقالته.. واستمرت الحكومة البريطانية في حكم فلسطين حكماً مباشراً تعسفياً .
مشروع المجلس التشريعي لعام 1935:
انقلب النضال العربي في فلسطين في عام 1933 وما بعده إلى حركة مقاومة سافرة عنيفة للاستعمار البريطاني مباشرة أزعجت الحكومة البريطانية وحملتها على محاولة استرضاء العرب وتهدئة شعورهم .
ففي 21 و22 ديسمبر (كانون الأول) 1935 عرض المندوب السامي البريطاني (السير ارثروا كهوب) على ممثلي العرب واليهود مشروعاً لتأليف مجلس تشريعي لفلسطين مؤلفاً من 28 عضواً كما يلي :
أعضاء بالانتخاب أعضاء بالتعيين
8 مسلمون 3 مسلمون
1 مسيحي 2 مسيحيان
3 يهود 4 يهود
12 2 من التجار (يمثلان الجاليات الأجنبية)
5 موظفون بريطانيون
16
فيكون مجموع الأعضاء من منتخبين ومعينين كما يلي :
عرب يهود وأجانب
11 مسلمون 7 يهود
3 مسيحيون 5 بريطانيون
2 ممثلان للجاليات الأجنبية
14 14
ونص المشروع آنف الذكر على ما يلي :
1- أن يكون رئيس المجلس من خارج فلسطين .
2- ليس للمجلس حق التعرض لمناقشة الانتداب والوطن القومي اليهودي .
3- للمجلس حق إبداء الرأي بصدد الهجرة اليهودية دون أن يتقيد المندوب السامي بتلك الآراء .
4- للمندوب السامي حق الاطلاع على مقررات المجلس والموافقة عليها أو رفضها .
5- للمندوب السامي حق وضع بعض القوانين دون استشارة المجلس .
وعندما عرض المندوب السامي هذا المشروع الجديد، كان يعلم أنه دون مطالب العرب المشروعة بكثير، وأنه مشروع هزيل بوجه عام، واعتقد أن العرب سيرفضونه، ولذلك فقد أعلن رسمياً باسم الحكومة البريطانية أن "المجلس يؤلف رغم كل معارضة ولو بتعيين الأعضاء عن الفريق الذي يرفض الاشتراك فيه " .
ودرس زعماء العرب المشروع الجديد ولم يرفضوه بل طلبوا إدخال تعديلات عليه، ولكن اليهود سارعوا بإعلان رفضهم للمشروع وأعلنوا أنهم لا يقبلون الاشتراك في أي مجلس تشريعي لا يكون لهم في نصف الأعضاء على الأقل مع أن عددهم لم يكن يتجاوز 27% من مجموع السكان حينئذ. وشنوا مع أنصارهم من رجال الاستعمار البريطاني حملة شعواء على المشروع الجديد .
ولما تقدمت وزارة المستعمرات بهذا المشروع إلى مجلس اللوردات ثم إلى مجلس العموم هوجم المشروع فيهما هجوماً شديداً بتأثير اليهود وأنصارهم ولم يكن للعرب في كلا المجلسين من يدافع عن وجهة نظرهم ، وأصبح واضحاً أن الحكومة البريطانية ستطوي مشروعها الجديد وتعدل عنه. الأمر الذي بلغ بالعرب حد اليأس من إنصاف السياسة البريطانية حتى في مثل هذا المجلس التشريعي الهزيل .
وهكذا استمرت الحكومة البريطانية في حكمها الشاذ لفلسطين .
]